فصل: قواعد في أدلة الأسماء والصفات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


قواعد في أدلة الأسماء والصفات

القاعدة الأولى‏:‏ الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته

هي‏:‏ كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تثبت أسماء الله، وصفاته، بغيرهما‏.‏

وعلى هذا فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب أو السنة وجب إثباته‏.‏

وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه، مع إثبات كمال ضدّه‏.‏

وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه فلا يثبت ولا ينفى لعدم ورود الإثبات والنفي فيه‏.‏

وأما معناه فيفصل فيه‏:‏ فإن أُريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول‏.‏ وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده‏.‏

فمما ورد إثباته لله تعالى‏:‏ كل صفة دلّ عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة، أو تضمّن، أو التزام‏.‏

ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها، فضلًا عن أفرادها ‏{‏ويفعل الله ما يشاء‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 27‏]‏ ‏.‏

ومنه‏:‏ الوجه، والعينان، واليدان ونحوها‏.‏

ومنه الكلام، والمشيئة، والإرادة بقسميها‏:‏ الكوني، والشرعي‏.‏ فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة‏.‏

ومنه‏:‏ الرِّضا، والمحبة، والغضب، والكراهة ونحوها ‏.‏

ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده‏:‏

الموت، والنوم، والسِّنة، والعجز، والإعياء، والظلم، والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك ‏.‏

ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ ‏(‏الجهة‏)‏ فلو سأل سائل هل نثبت لله تعالى جهة‏؟‏‏.‏

قلنا له‏:‏ لفظ، الجهة، لم يرد في الكتاب والسُنة إثباتًا ولا نفيًا، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء‏.‏ وأما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو لا تحيط به‏.‏

فالأول باطل‏.‏ لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب، والسنة، والعقل والفطرة، والإجماع‏.‏

والثاني باطل أيضًا‏:‏ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته‏.‏

والثالث حق، لأن الله تعالى العليّ فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته‏.‏

ودليل هذه القاعدة السمع والعقل‏.‏

فأما السمع فمنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 155‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 158‏]‏ ‏.‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 7‏]‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 80‏]‏ ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 59‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 49‏]‏ ‏.‏

إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإِيمان بما جاء في القرآن والسنة‏.‏

وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة لأن مما جاء في القرآن الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والرد إليه عند التنازع‏.‏ والرد إليه يكون إليه نفسه في حياته وإلى سنته بعد وفاته‏.‏

فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبر عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن‏؟‏

وأين الإِيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن‏؟‏

وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته‏؟‏‏!‏

ولقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 89‏]‏ ‏.‏ ومن المعلوم أن كثيرًا من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن‏.‏

وأما العقل فنقول‏:‏ إن تفصيل القول فيما يجب أو يمتنع أو يجوز في حق الله تعالى من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل فوجب الرجوع فيه إلى ما جاء في الكتاب والسنة‏.‏